شماعة الأقليات

عبر تاريخ الاستعمار الغربي، استخدمت ورقة الأقليات كأداة للابتزاز وشرعنة التدخل في شؤون الدول… وإن لم تجد أقليات مضطهدة، اصطنعتها ثم تحدثت باسمها…
فعندما تذبح الأكثرية وتهدم مدنها وقراها، فهذا شأن داخلي وصراع محلي، وعندما يريد أي مجتمع بناء نموذجه، تُرمى على الطاولة قضية الأقليات…
أُبيدت سوريا بكل طوائفها ولم نسمع لهم ركزًا، ويُباد أهل فلسطين على شاشات التلفزيون فلا تسمع صوتًا، ويُباد الروهينجيا فلا ترى سفارات ولا سفراء يتحركون، ويُقتل الناس في الهند ويُهانون ولا تسمع لهؤلاء حتى دبيب نملة، فكلها شؤون داخلية…
وفي فلسطين يقع الظلم على الكنيسة والمسجد فلا تنتفض سفارة ولا ينعقد مؤتمر من ذات الدول التي تتحدث عن الأقليات… إذن هناك معيار واحد هو معيار المصالح لهذه القوى الاستعمارية وهذه لغتها، والباقي هو تغليف لتلك المصالح…
اليوم ترفع سفارات متعددة ذات اللافتة في وجه الشعب السوري… وفي وقت حساس تلتقط فيه الثورة السورية أنفاسها وتلملم أوراقها… وتريد هذه السفارات أن تضع سوريا تحت الوصاية…
والوقت ليس وقت شكوى ولا لحل تلك النزعة التسلطية للوسطاء الغربيين، التي يعرفها الجميع بما فيهم ذات من يتحدثون بلغة الأقليات ومطالب الاعتدال، ولكنه وقت إيجاد الحلول للتعامل مع هذه الضغوط…
وأول الخيط تعديل المفردات، ففي سوريا الجديدة يوجد شعب واحد سكن على هذه الأرض آلاف السنين، وتحكمه في مشروعه الجديد ثلاثية (البر والقسط والتعاقد) (التعايش الراقي والقانون الواحد والتوافق الوطني)، فمفردة الأقلية والأكثرية من الماضي…
وسوريا الجديدة ترحب بكل عون لتحقيق هدفها في مشروع وطني يحمي كل سوري ولا يعطي أفضليّة لأحد بحجة الأقلية أو بحجة الأكثرية…
ولا بد أن يتحرك هذا الخطاب على يد جهة مركزية “سورية” هي من تأخذ زمام المبادرة للحديث مع الأمم المتحدة والجهات المهتمة بسوريا الموحدة بالقانون العادل للجميع…
وهذا يعني خطة تحرك في الداخل والخارج لقطع الطريق على دعوى التدخل المغلفة بمصطلح الأقليات…
لابد من توظيف العلاقات الدولية وثقافة المغتربين والتواصل مع المثقفين المعتدلين في العالم الحر وأهل الإنصاف لعمل درع يحمي سوريا من هذه الأطماع…
لا تخضعوا لهيمنة المصطلح واطرحوا بديلاً له يتناسب مع روايتكم وثورتكم المباركة، واعلموا أن كل عقبة تنجحون في التعامل معها هي نصر جديد لا يقل عن سقوط الطاغية…
الخلاصة:
التعامل مع التدخل الغربي باسم “الأقليات” يتطلب التوازن بين معالجة الأسباب الداخلية التي قد تُستغل والتصدي خارجيًا بأساليب دبلوماسية وإعلامية محكمة. يجب التركيز على الوحدة الوطنية، تحقيق العدالة الاجتماعية، وإزالة أي مظالم حقيقية باعتبارها تمثيلًا للقسط. #نهضة



